إن القيم والأخلاق الحسنة هي من أعظم ما تعتز به الأمم، وتمتاز به عن غيرها، لما لها من دور في بناء الإنسان الصالح، وهي تعكس ثقافة الأمة وحضارتها، وبقدر ما تعلو قيم الأمة تعلو حضارتها، وفي مقابل ذلك كلما تم التخلي عن تلكم القيم إلا وتهاوت الأمة وصارت عرضة للهلاك. ولعل ما أصاب حال مجتمعنا اليوم من ذوبان قيمي، وانحطاط أخلاقي، إنما يعود في جزء كبير منه إلى التفريط في تلكم القيم والاستعاضة عنها بقيم بديلة غالبا ما تكون وافدة من الخارج، ومع كل أسف فإن كثيرا من الجمعيات المغربية تسهم بشكل أو بآخر في هذا الوضع، حينما نجدها تتمسك عن وعي أو عن غير وعي بكل ما تتضمنه المواثيق الدولية وتدعو إلى تفعيلها، في عدد من القضايا المجتمعية التي تبرز فيها القيم بشكل كبير، دون أي اعتبار للدستور الذي يعتبر الإسلام الدين الرسمي للدولة. ومن تلك القضايا ما نجده شاخصا في مدونة الأسرة المغربية، خاصة على مستوى زواج القاصرات والتعدد، حيث تطالب بمنعهما، وإلغاء نظام الإرث، دون أن يفلت القانون الجنائي من ذلك، حيث تطالب بإباحة العلاقات الرضائية، سواء بين المتزوجين أو بين غير المتزوجين، فضلا عن تقنين الإجهاض على نحو يكون متاحا للنساء في مطلق الحالات، وبربط هذه المطالب بعضها بالبعض نجد أنها تروم في مجموعها هدم منظومة القيم التي يبنى على أساسها الإنسان داخل أسرته، والاستعاضة عنها بقيم بعيدة كل البعد عن قيمنا الحضارية المستمدة من ديننا الإسلامي، تضرب في الصميم نظافة المجتمع، لتكون النتيجة بذلك هي هدم بناء الإنسان، وبالتالي إضعافه حتى يصير معول هدم للمجتمع لا معول بناء.